تعتبر البيئة التعليمية من أهم العوامل التي من شأنها استخراج طاقات المتعلمين أو تثبيطها، ولهذا السبب تعطي المؤسسات التعليمية الكثير من الاهتمام لتوفير بيئة تعليمية إيجابية للطلاب، بهدف مساعدتهم في تحقيق أفضل النتائج الممكنة، واكتساب أكبر قدر من المعرفة.
يتمتع المعلم في الصفوف الكلاسيكية بقدر كبير من التحكّم ببيئة التعلّم المحيطة بالطلاب، ومع ذلك يجد المعلم صعوبة في التحكم بهذه الظروف عند خروج الطلاب من الصف المدرسي، وجاء التعلم عن بعد ليفرض المزيد من التحديات على المعلمين لتوفير البيئة التعليمية الإيجابية لطلابهم.
في هذا المقال سنعرّف البيئة التعليمية، مع توضيح أبرز أنواعها وأهميتها وكيف تؤثر على النتاج التعليمي.
مفهوم البيئة التعليمية
يشير مصطلح البيئة التعليمية Learning Environment إلى مجموعة الأماكن والظروف الخارجية والثقافات التي تؤثر على الطلاب خلال عملية التعليم، وغالبًا ما يكون لهذه البيئة أثر كبير على نتيجة العملية التعليمية، سواءً كان هذا التأثير سلبيًّا أم إيجابيًّا.
توجد العديد من العوامل التي تؤثر على البيئة التعليمية، إذ تشمل هذه العوامل أي شيء مرتبط بهذه العملية، كسياسات المدرسة وثقافتها، وكيفية تفاعل الأساتذة مع الطلاب، وكيفية تفاعل الطلاب مع بعضهم البعض، والأدوات والتقنيّات المستخدمة في التدريس، والضغوط والتوقعات التي قد تُفرض على الطلاب من قِبَل محيطهم.
تشير التجارب إلى ضرورة الاهتمام بالتفاصيل عند محاولة توفير بيئة تعليمية إيجابية للطلاب، كأن تصل الشمس للقاعات الدراسية وألّا تكون هذه القاعات مغلقةً أو معتمةً، وضرورة التعامل مع حالات التنمر بشكل صحيح، وغير ذلك.
أهميّة البيئة التعليمية
تلعب البيئة التعليمية دورًا كبيرًا في تعزيز تجربة الطلاب التعليمية أو إلحاق الضرر بها، إذ تكمن أهمية توفير بيئة تعليمية إيجابية من خلال دورها في تحسين تفاعل الطلاب مع المحتوى التعليمي من جهة، وفي خطورة إهمالها من جهة أخرى.
أثبتت الدراسات أهمية العوامل التالية وتأثيرها الكبير على تعلم الطلاب وتفاعلهم مع الدرس:
- إدارة الفصل الدراسي: اليقظة الذهنية للمعلمين، وتدخل المعلم، ووضوح الأهداف، والتوجيه الجيّد.
- التماسك في الفصل الدراسي: الشعور بأن المعلمين والطلاب يعملون معًا.
- تأثير الزملاء: التعاون، التدريس، تكوين الصداقات، تقديم الملاحظات وتحويل المدرسة لمكانٍ يرغب الطلاب في القدوم إليه كل يوم.
خصائص البيئة التعليمية الفعالة
يوجد العديد من الخصائص والمواصفات التي تشير إلى إيجابية بيئة التعلم، فيما يلي أهم هذه الخصائص:
- طرح الطلاب للأسئلة الفضولية، أو النابعة عن رغبتهم بالتعلم، إذ يمكن أن يؤدي منح الطلاب حرية التعبير عن فضولهم إلى تعزيز حماسهم للتعلم.
- تقدير المعلم للأسئلة التي توفر فرصًا لاستكشاف الموضوعات بمزيد من التعمق، من خلال تشجيع الطلاب الذين يطرحون الأسئلة بشكل إيجابي.
- يستخدم المعلم نماذج تعلم مختلفة، مثل: التعلم القائم على الاستفسار والتجربة، والتعليم المباشر، والتعلم من نظير إلى نظير ومن مدرسة إلى مدرسة، والتعليم الإلكتروني والفصول الدراسية المقلوبة.
- يقدّم المدرب للطلاب تقييمات مستمرة وحقيقية وشفافة للمساعدة في تطويرهم الشخصي وإعدادهم للفرص المستقبلية.
- يقوم المعلم بعرض مهارات التعلم الفعّالة من خلال سلوكه الخاص، فقد يظهرون الفضول والمثابرة والمرونة وإدارة الوقت والإبداع والتواصل والتعاون.
العوامل العائلية التي تؤثر على بيئة التعليم
لا تكون كل العوامل المؤثرة على بيئة التعلم مرتبطةً بالفصل الدراسي، أو بمعنى آخر بالوقت الذي يقضيه الطلاب أثناء التعلم، إذ توجد العديد من العوامل المتعلقة بالمنزل والبيئة الأسرية للطلاب، والتي تؤثر بشكل ملحوظ على أدائه التعليمي، فيما يلي أبرز هذه العوامل:
عدد أفراد الأسرة
الهياكل والأحجام المتفاوتة للأُسر قد تؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على عملية التعلم، ففي عائلة صغيرة قد يتمتع المتعلمون ببيئة خالية من المشتتات ولكنها لا تساعدهم في دراستهم، وعلى العكس في حالة العائلة الكبيرة، قد تحتوي البيئة على الكثير من المشتتات ولكنها تساعد وتدعم الطالب في التعلم.
ثقافة الأسرة وتقاليدها
لكل عائلة ثقافتها وعاداتها التي تلعب دورًا كبيرًا في تكوين ثقافات الطلاب وقدراتهم الإدراكية والمعرفية، ولذلك تؤثر التقاليد العائلية والمعتقدات الدينية وعوامل أخرى مماثلة على عمليات التعلم، ومن الضروري أخذها بعين الاعتبار.
الوضع الاجتماعي والاقتصادي
يؤثر الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة على الأداء التعليمي للطلاب، فكلما تحسّن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، كلّما زادت فرص حصول الطالب على تعليم أفضل والعكس صحيح، فالوضع الاقتصادي الأفضل يعني إمكانية أكبر للوصول للأدوات والمواد التعليمية الداعمة.
مهن الوالدين
يمكن للوالدين تعليم الطلاب العديد من الأشياء منذ الولادة فصاعدًا، ولهذا السبب تلعب مهن الوالدين وأهدافهم دورًا مهمًا في تشكيل شخصية الطالب وتفكيره، فمع استمرار الوالدين في اكتساب المعرفة خلال حياتهم، يؤثر ذلك في كيفية نقلهم لهذه المعارف لأبنائهم.
العوامل الأخرى
هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على طريقة تعلم الطلاب، يمكن أن يؤدي سطوع الأضواء وشدة الضوضاء والمناظر الطبيعية حول المنزل إلى التأثير على تركيز الطلاب، من المهم أن يوفر الآباء لأطفالهم بيئة تمكنهم من الحصول على تجربة التعلم الأفضل.
أنواع البيئات التعليمية
يوجد العديد من أنواع البيئات التعليمية، ويفيد التمييز بينها في اختيار البيئة الأكثر ملائمةً لوضع الفصل الدراسي، فيما يلي أبرز هذه الأنواع:
البيئة المتمحورة حول الطلاب
تولي البيئة المتمحورة حول الطلاب اهتمامًا كبيرًا لاحتياجات كل طالب بحدّ ذاته، إذ يستثمر المعلم في هذا النوع التنوع المعرفي والثقافي لطلاب الفصل، ويركّز على إنشاء بيئة في الفصل الدراسي تسهّل المحادثات المثمرة بين الطلاب.
تتيح هذه المحادثات بين الطلاب إمكانية تعلم الطلاب من بعضهم البعض بناءً على معارفهم وخبراتهم المتنوعة، إذ يقوم المعلم بسد الفجوة بين المعلومات الجديدة التي سيقدمها من خلال الدرس، وما يعرفه الطلاب أساسًا من خلال هذه المحادثات.
البيئة المتمحورة حول المعرفة
تركز البيئة التي تعتمد المعرفة في مساعدة الطلاب على اكتساب فهم عميق للمعلومات الجديدة التي يمكنهم استخدامها في مواقف وسياقات مختلفة، ففي هذا النوع قد يقدّم المعلمون مفهومًا جديدًا ثم يطلبون من الطلاب ممارسة هذه المهارة في موقف حقيقي.
البيئات المتمحورة حول التقييم
تؤكد البيئة التي تركز على التقييم على أهمية تقديم المراجعات للطلاب حول أدائهم، ويمنح المعلمون الطلاب فرصًا للحصول على تعليقات تساعدهم في تجاوز أخطائهم، وعادةً ما تتطابق التقييمات مع الأهداف التعليمية للطالب أو الفصل الدراسي.
في هذا النوع من البيئة التعليمية يكون على المعلم تقديم تعليقاته على العمل وإجراء فحوصات سريعة للفهم في الفصل الدراسي، تقيس التقييمات النهائية أو التي تجرى في نهاية الوحدة ما تعلمه الطلاب في نهاية فترة محددة من التعلم.
بيئة التعلم عبر الإنترنت
تُعرف هذه البيئة أيضًا باسم التعلم الإلكتروني، وهي تتيح للجميع التعلم والمشاركة بالسرعة التي تناسبهم وتتلاءم مع إمكانياتهم، كما يركز على أسلوب التعلم الفردي وغالبًا ما يعتمد على الموارد والمصادر عبر الإنترنت مثل: قواعد البيانات وصفحات الويب، إذ يسهل المعلم المهمة على الطلاب من خلال مساعدتهم في العثور على المعلومات التي يحتاجون إليها.
تساعدك مساق في بناء أكاديميتك التعليمية على الإنترنت، وتوفر كل ما تحتاجه من أدوات لتأمين بيئة تعليمية إيجابية تعطي الطلاب أفضل تجربة تعليمية ممكنة، وذلك من خلال دعم كافة أنواع الوسائط ونظام الواجبات ونظام الاختبارات وغيرها من الميّزات.
أنشئ موقعك التعليمي الخاص وابدأ ببيع دوراتك التدريبية أونلاين، يمكنك تجربة 14 يوم مجاني دون إدخال بيانات الدفع.
الخاتمة
يساعد توفير البيئة التعليمية الإيجابية للطلاب في تعزيز قدرتهم على تلقي المعلومات والاحتفاظ بها، ممّا يزيد من فرص تحقيق الفصل الدراسي للأهداف التي وضعت له، لذلك من الضروري على المعلم والكادر التدريسي عمومًا أن يعمل على تأمين هذه البيئة لطلابه.
ما هي البيئة التعليمية؟
تعرف بيئة التعلم والتعليم بأنها: منظومة فكرية وممارسات عملية تتضمن المدخلات والعمليات والإجراءات اللازمة لخلق مواقف يمكن أن يحدث فيها التعليم والتعلم بفاعلية.
ما هي عناصر البيئة التعليمية؟
مكونات بشرية : وتشمل كـل عنصر بشري في العملية التعليمية كالطالب، والمعلم، والمدير، والمشرف، وولي الأمر.
مكونات مادية : وتشمل كـل الأشياء المادية كالمبنى الدراسي، والفصول الدراسية، والكتب المدرسية، والأثاث والتجهيزات، والأجهزة التعليمية.
ما هي البيئة التعليمية الآمنة؟
البيئة التعليمية الآمنة: هي البيئة المدرسية التي يتوافر بها مناخ تربوي سليم يساعد على التعلم، وميسر لعمليتي التدريس والتعليم، حيث يسير العمل داخل المدرسة بشكل واضح ومنظم وخالِ من المشكلات.
ما هي مواصفات البيئة التعليمية الجيدة؟
تحتوي على العناصر العامة مثل: الحد الأدنى من التشويش، والروتين الواضح، والجو الإيجابي والأساليب وأشكال التدريس المتنوعة، كلها عناصر ثبت أنها تحسن الأداء وتسهل التعلم الفعال.
