لم عليك تحسين أسلوب الكتابة وفيما بنفعك هذا؟ يُمكن تصوُّر مجالاتٍ مختلفةٍ حيث تنفعك الكتابة في حياتك العمليَّة من حيثُ كونِك مدرِّبًا أو مدرِّسًا، كنا قد أشرنا إلى أحَدِها وهو التسويق عبر المحتوى المجاني. ولا يختلف الأمر إن كنتَ تريد أن تُقدِّم لطلَّابِكَ مقالًا ليقرؤوه، أو استعملت الكتابة في إحدى موادّ دورتك، أو كتبتَ كُتيِّبًا لهم، إلى غير ذلك. الغرض من هذا المقال إرشادك إلى كيفيَّة تحسين أسلوب الكتابة لتتعامل مع هذه الحالات.
في غالبِ ما سنذكره، يُمكنك تطبيق ما سنذكره حول المقالات على أيّ نوعٍ آخر من الكتابة تُريد أن تتمرَّس فيه، والفكرةُ في هذا الدليل هو أنَّ النصائح الواردة فيه تُحسِّن تجربة القارئ، وتحسين تجربة القارئ يعني -مع عوامل أخرى- إقبالًا أكثر على محتواك.
ثمَّة نصائح عامَّة، أو محاور رئيسة، ينبغي مراعاتُها لتحقيق الغرض المنشود.
النحو والإملاء
ثمّة فكرةٌ خطأ، وهي شائعةٌ، ملخَّصُها أنّ “الأهم المضمون لا الشكل”، ليس هذا محلَّ الخوض في التفصيلات الدقيقة لخطأ هذا القول وعدم انطباقه على اللغة التي هي وسيطك للتعامل مع القُرَّاء، لكنَّ الثابت أنَّ مراعاة قواعد اللغة المُتحدَّث بها عاملٌ أساسٌ في تجربة القارئ.
النحو مبنيّ على معاني اللغة، وهو القالب الذي تصلُ من خلاله شتَّى المعاني إلى القارئ، ومِن ثَمّ فمراعاته أمرٌ في غاية الأهميَّة، ناهيك عما يحصل للقارئ من تشتُّتٍ بسبب الأخطاء إذا قرأ مقالةً مليئةً بالسَّقَطات النحوية.
الأمر ينطبق أيضًا على الإملاء، وينبغي في هذا الصَّدد استعمال القواعد التي تعارف عليها أهلُ زماننا في كتابتهم الاصطلاحية، ككون الهمزة تأخذ حركة الأقوى بينها وبين ما يسبقها، وينبغي مع ذلك مراعاة استعمال علامات الترقيم.
علامات الترقيم أمرٌ مستجدّ، لو عُدتَ إلى المخطوطات العربيَّة لن تجدها، بل ولا في المطبوعات القديمة، لكنها باتت أمرًا ضروريًّا اليوم ودخلَتْ في الكتب بشقِّيها القديم والحديث، وهي مُعِينةٌ على فهم المُراد، فتنبغي مراعاتها.
بالطَّبع، يُراعى في علامات التَّرقيم الاستعمال المُتعارف عليه أيضًا، ككون الفاصلة تأتي بعد ما قبلها بلا فراغ، ويسبقها ما بعدها بفراغ، كما ترى في هذه المقالة.
ليس الأمر صعبًا، ليس عليك أن تتوسَّع في النحو والإملاء وتكون عالمًا بكتبِها وحواشيها؛ فذاك للمختصّ، يكفيك أن تحضُرَ دروسًا للمبتدئين، سواءٌ على الطريقة التراثيَّة أو على الطريقة الحديثة.
الدروس منتشرةٌ ومجانيَّةٌ في كلِّ مكان، ما عليك إلا أن تبحث بحثًا سريعًا على غوغل، خصوصًا في الإملاء. أمَّا في النحو، فاستماعك إلى شرحِ متنٍ كالآجرُّوميَّة -وهو متنٌ نحويّ صغير وشُرح كثيرًا- كافٍ، وبوسعك أيضًا أن ترى دروسًا حديثةً أيضًا، الأساسيَّات سهلةُ التعلُّم.
الجُهد المبذول لمعرفة أوائل النحو ليس ضائعًا، ففضلًا عن الكتابة السَّليمة، علم النحو يرتِّب الذِّهن أيضًا بحيثُ يكون قابلًا للتفكير المُنظَّم؛ اللغة عمومًا هكذا، تعلُّمها يُورِثُ الذِّهن ترتيبًا ونظامًا.
البلاغة
لعلَّك حين تسمع لفظ “البلاغة” تتوالى على ذهنك مصطلحاتٌ كالاستعارة والكناية والمجاز، اطمئنّ، ليس هذا ما نُريده. تعريف البلاغة هو: “مطابقةُ الكلام لمقتضى الحال“، بعبارةٍ مبسَّطةٍ: موافقة أسلوب الكلام لحال قارئك أو من تخاطبه.
لا يصلح أبدًا أن تتحدَّث عن وظائف مكوِّناتِ الحاسوب مثلًا وكأنَّك تكتبُ قصيدةً غزليَّةً، فتملأ المقالة بالاستعارات والكنايات، مقتضى الحال ههنا إيضاح وظائف هذه المكوِّنات بلغةٍ رصينةٍ وسلسةٍ ومفهومةٍ لمن تُخاطبه، ولا يحتملُ هذا الموضوع أسلوب القصائد.
أيضًا لا بُدّ أن تُراعي الجمهور الذي توجِّه له كلامك، هل توجهه للمبتدئين؟ هل توجهه لجمهور لا دراية له بما تتحدَّث فيه مُطلقًا وتُريد تعليمه من الصفر؟ أو توجِّههُ لجمهورٍ تفترض فيه بعض المعرفة وتُريد أن تزيده؟ مراعاة حال القارئ في هذه الحالات هي البلاغة.
الخروجُ عن هذه الدائرة بالإكثار من الاستعارات والكنايات في مواضيع لا تصلح تُسمَّى “تكلُّفًا” لا بلاغةً، لذا احرص على تجنُّبِه، أبقِ الكلام بسيطًا وفكِّر في حال المخاطب وكيف سيتلقَّى كلامك، وبناءً على هذا باشر الكتابة.
القاعدة الذهبيَّة في هذا الشأن: لا تتكلَّف.
البحث وتدوين رؤوس الأقلام
قبل أن تُباشر الكتابة في أيِّ موضوعٍ، ابحث الجزئيَّة التي تُريد الحديث عنها حتى تكون ملمًّا بها، حاوِل أن تُحِيط بها من كلِّ جوانبها دون أن تخرُجَ عنها إلا بالمقدار الضروريّ لفهمها.
إن كنت تُريد مثلًا أن تكتبَ حول التصوير، لا تتفرَّع إلى شرح مواصفات الكاميرات وتُسهِب فيها، اكتفِ بما هو ضروريّ في موضوعك الذي هو التصوير، ستبحثُ في هذه الحالة عن أمورٍ كعوامل جودة الصورة والإضاءة وما إلى ذلك.
وأنت تبحث، دوِّن رؤوس أقلام، هذا مهمٌّ جدًّا، والسرُّ في أهميَّتِه أنَّك حين تأتي لكتابة نصِّ المقالة ستكون مشتَّتَ الذهن نظرًا لكثرة المعلومات التي قرأتَها أثناء البحث، وجود رؤوس أقلامٍ أمامك سيُساعد في ترتيب المعلومات تحت الخانات في ذهنك، ومن ثَمّ ترتيبها أثناء الكتابة.
المسوَّدَة والمُراجَعة
تعامَل مع كتابَتِك الأولى على أنَّها مسوَّدة؛ نُسخةٌ أوليَّةٌ غير جاهزةٍ للنَّشر، هذه الذهنية التي تكتبُ بها ستُعينك على الاستمرار بالكتابة وعدم التوقُّف للتصحيح أو لمحاولة تكميل المقالة وجعلِها في أحسن حال.
بعد أن تنتهي من كتابة المسوَّدة، لا تكتفِ بمراجعتها بل استعن بشخصٍ تعرِفُه لقراءتها، هذا يعني أنَّ مقالتك سيقرؤها شخصٌ غيرُك وسيراها من زاويةٍ القارئ؛ احرص على أن تتلقى ملاحظاته الصريحة فيها وقيِّمها ثمّ اقرأ أنت مقالتك مجدَّدًا وغيِّرها بما يلزم.
إن كانت إحدى الفقرات غيرُ مفهومةٍ مثلًا، صُغ لهذا القارئ صياغةً أخرى واسأله عن رأيه، وهكذا تفاعل معه حتى تصل إلى النسخة النهائيَّة، لا تقتصر المراجعة على الصياغات، فمن المهم ملاحظة الأخطاء الكتابيَّة إن وُجِدَتْ أيضًا.
احرص أيضًا وأنت تعدُّ مسوَّدتك على تقسيم المقالة إلى فقراتٍ ليست شديدة الصغر ولا ضخمة الحجم، بل متوسِّطة كما ترى في هذه المقالة، هذا يُحسِّن تجربة القارئ ويسهِّل عليه القراءة.
بالطَّبع، هذا يختلفُ في المقالة عنه في الكتيِّب أو الكتاب، في الأخيرَيْن الأمر أوسع ويُمكن للفقرات أن تكون أطوَل، لكن الفكرة واحدة: ينبغي تقسيم النصّ بحيث يَسهُل على بصر القارئ تتبعه.
الاحتجاج بالمصادر
حين تكتبُ موضوعًا يتضمَّن معلومات، من المهمّ أن تستشهد بالمصادر التي أتاحت لك التوصُّل إلى آرائك، أو اعتمدت عليها لشرح الموضوع، مثلًا إن كتبتَ مقالةً حولَ تأثير التواصل المباشر بين المدرس والطالب على أداء الطالب، لا بُد أن تُشير إلى الإحصاءات التي اعتمدت عليها.
الاحتجاج بالمصادر يُعطيك مصداقيةً، ويبني صورتك الذاتية بوصفكَ على علمٍ واطلاعٍ في الشأن الذي تكتبُ فيه.
كثرة القراءة لتحسين أسلوب الكتابة
من النصائح المشهورة للكُتَّاب أيضًا: كثرة القراءة، لا تنفعك كثرة القراءة في اكتساب معلوماتٍ فقط، بل تزرع في ذهنك -إن اخترت الجيِّد من الكتابات- التنظيم السليم والمصطلحات المناسبة في المواضيع التي تقرأ حولَها.
القراءة أيضًا تطبعُ أسلوبك بأساليب كتَّابٍ مختلفين فتستفيد منهم وتطوِّرُ أسلوبك الفريد، وتُساعدك على تجاوز القصور اللغويّ والتعبيريّ الذي يكثُرُ عند من يشعرون بحيازتهم للمادَّة لكن لا يعرفون كيف يبدؤون بالكتابة.
هذا يشمل قراءة المقالات والمنشورات والكتب.
يُمكن أيضًا الاستعانة بالعصف الذهنيّ لحلِّ مشكلة انغلاق الذِّهن وعدم القدرة على الكتابة.
هذه مجموعةٌ من النصائح وجدناها نافعةً في الكتابة وينبغي مراعاتُها، لكن ليست هي -حصرًا- ما يكوِّنُ الكاتب، مع الكتابة والمراجعة والاستفادة من تجارب الآخرين يكتسبُ الكاتب تجربةً مُعينةً له على تحسين أسلوب كتابته.
شجِّع جمهورك على التعليق لتتلقَّى منهم آراءهم حول النقائص التي تقع فيها، وكذلك الأسئلة التي ستُعينك في اختيار مواضيع المقالات، كلَّما عرفتَ جمهورك أكثر استطعتَ مخاطبتهم بما يناسبهم.
لم عليك تحسين أسلوب الكتابة وفيما بنفعك هذا؟ يُمكن تصوُّر مجالاتٍ مختلفةٍ حيث تنفعك الكتابة في حياتك العمليَّة من حيثُ كونِك مدرِّبًا أو مدرِّسًا، كنا قد أشرنا إلى أحَدِها وهو التسويق عبر المحتوى المجاني. ولا يختلف الأمر إن كنتَ تريد أن تُقدِّم لطلَّابِكَ مقالًا ليقرؤوه، أو استعملت الكتابة في إحدى موادّ دورتك، أو كتبتَ كُتيِّبًا لهم، إلى غير ذلك. الغرض من هذا المقال إرشادك إلى كيفيَّة تحسين أسلوب الكتابة لتتعامل مع هذه الحالات.
في غالبِ ما سنذكره، يُمكنك تطبيق ما سنذكره حول المقالات على أيّ نوعٍ آخر من الكتابة تُريد أن تتمرَّس فيه، والفكرةُ في هذا الدليل هو أنَّ النصائح الواردة فيه تُحسِّن تجربة القارئ، وتحسين تجربة القارئ يعني -مع عوامل أخرى- إقبالًا أكثر على محتواك.
ثمَّة نصائح عامَّة، أو محاور رئيسة، ينبغي مراعاتُها لتحقيق الغرض المنشود.
النحو والإملاء
ثمّة فكرةٌ خطأ، وهي شائعةٌ، ملخَّصُها أنّ “الأهم المضمون لا الشكل”، ليس هذا محلَّ الخوض في التفصيلات الدقيقة لخطأ هذا القول وعدم انطباقه على اللغة التي هي وسيطك للتعامل مع القُرَّاء، لكنَّ الثابت أنَّ مراعاة قواعد اللغة المُتحدَّث بها عاملٌ أساسٌ في تجربة القارئ.
النحو مبنيّ على معاني اللغة، وهو القالب الذي تصلُ من خلاله شتَّى المعاني إلى القارئ، ومِن ثَمّ فمراعاته أمرٌ في غاية الأهميَّة، ناهيك عما يحصل للقارئ من تشتُّتٍ بسبب الأخطاء إذا قرأ مقالةً مليئةً بالسَّقَطات النحوية.
الأمر ينطبق أيضًا على الإملاء، وينبغي في هذا الصَّدد استعمال القواعد التي تعارف عليها أهلُ زماننا في كتابتهم الاصطلاحية، ككون الهمزة تأخذ حركة الأقوى بينها وبين ما يسبقها، وينبغي مع ذلك مراعاة استعمال علامات الترقيم.
علامات الترقيم أمرٌ مستجدّ، لو عُدتَ إلى المخطوطات العربيَّة لن تجدها، بل ولا في المطبوعات القديمة، لكنها باتت أمرًا ضروريًّا اليوم ودخلَتْ في الكتب بشقِّيها القديم والحديث، وهي مُعِينةٌ على فهم المُراد، فتنبغي مراعاتها.
بالطَّبع، يُراعى في علامات التَّرقيم الاستعمال المُتعارف عليه أيضًا، ككون الفاصلة تأتي بعد ما قبلها بلا فراغ، ويسبقها ما بعدها بفراغ، كما ترى في هذه المقالة.
ليس الأمر صعبًا، ليس عليك أن تتوسَّع في النحو والإملاء وتكون عالمًا بكتبِها وحواشيها؛ فذاك للمختصّ، يكفيك أن تحضُرَ دروسًا للمبتدئين، سواءٌ على الطريقة التراثيَّة أو على الطريقة الحديثة.
الدروس منتشرةٌ ومجانيَّةٌ في كلِّ مكان، ما عليك إلا أن تبحث بحثًا سريعًا على غوغل، خصوصًا في الإملاء. أمَّا في النحو، فاستماعك إلى شرحِ متنٍ كالآجرُّوميَّة -وهو متنٌ نحويّ صغير وشُرح كثيرًا- كافٍ، وبوسعك أيضًا أن ترى دروسًا حديثةً أيضًا، الأساسيَّات سهلةُ التعلُّم.
الجُهد المبذول لمعرفة أوائل النحو ليس ضائعًا، ففضلًا عن الكتابة السَّليمة، علم النحو يرتِّب الذِّهن أيضًا بحيثُ يكون قابلًا للتفكير المُنظَّم؛ اللغة عمومًا هكذا، تعلُّمها يُورِثُ الذِّهن ترتيبًا ونظامًا.
البلاغة
لعلَّك حين تسمع لفظ “البلاغة” تتوالى على ذهنك مصطلحاتٌ كالاستعارة والكناية والمجاز، اطمئنّ، ليس هذا ما نُريده. تعريف البلاغة هو: “مطابقةُ الكلام لمقتضى الحال“، بعبارةٍ مبسَّطةٍ: موافقة أسلوب الكلام لحال قارئك أو من تخاطبه.
لا يصلح أبدًا أن تتحدَّث عن وظائف مكوِّناتِ الحاسوب مثلًا وكأنَّك تكتبُ قصيدةً غزليَّةً، فتملأ المقالة بالاستعارات والكنايات، مقتضى الحال ههنا إيضاح وظائف هذه المكوِّنات بلغةٍ رصينةٍ وسلسةٍ ومفهومةٍ لمن تُخاطبه، ولا يحتملُ هذا الموضوع أسلوب القصائد.
أيضًا لا بُدّ أن تُراعي الجمهور الذي توجِّه له كلامك، هل توجهه للمبتدئين؟ هل توجهه لجمهور لا دراية له بما تتحدَّث فيه مُطلقًا وتُريد تعليمه من الصفر؟ أو توجِّههُ لجمهورٍ تفترض فيه بعض المعرفة وتُريد أن تزيده؟ مراعاة حال القارئ في هذه الحالات هي البلاغة.
الخروجُ عن هذه الدائرة بالإكثار من الاستعارات والكنايات في مواضيع لا تصلح تُسمَّى “تكلُّفًا” لا بلاغةً، لذا احرص على تجنُّبِه، أبقِ الكلام بسيطًا وفكِّر في حال المخاطب وكيف سيتلقَّى كلامك، وبناءً على هذا باشر الكتابة.
القاعدة الذهبيَّة في هذا الشأن: لا تتكلَّف.
البحث وتدوين رؤوس الأقلام
قبل أن تُباشر الكتابة في أيِّ موضوعٍ، ابحث الجزئيَّة التي تُريد الحديث عنها حتى تكون ملمًّا بها، حاوِل أن تُحِيط بها من كلِّ جوانبها دون أن تخرُجَ عنها إلا بالمقدار الضروريّ لفهمها.
إن كنت تُريد مثلًا أن تكتبَ حول التصوير، لا تتفرَّع إلى شرح مواصفات الكاميرات وتُسهِب فيها، اكتفِ بما هو ضروريّ في موضوعك الذي هو التصوير، ستبحثُ في هذه الحالة عن أمورٍ كعوامل جودة الصورة والإضاءة وما إلى ذلك.
وأنت تبحث، دوِّن رؤوس أقلام، هذا مهمٌّ جدًّا، والسرُّ في أهميَّتِه أنَّك حين تأتي لكتابة نصِّ المقالة ستكون مشتَّتَ الذهن نظرًا لكثرة المعلومات التي قرأتَها أثناء البحث، وجود رؤوس أقلامٍ أمامك سيُساعد في ترتيب المعلومات تحت الخانات في ذهنك، ومن ثَمّ ترتيبها أثناء الكتابة.
المسوَّدَة والمُراجَعة
تعامَل مع كتابَتِك الأولى على أنَّها مسوَّدة؛ نُسخةٌ أوليَّةٌ غير جاهزةٍ للنَّشر، هذه الذهنية التي تكتبُ بها ستُعينك على الاستمرار بالكتابة وعدم التوقُّف للتصحيح أو لمحاولة تكميل المقالة وجعلِها في أحسن حال.
بعد أن تنتهي من كتابة المسوَّدة، لا تكتفِ بمراجعتها بل استعن بشخصٍ تعرِفُه لقراءتها، هذا يعني أنَّ مقالتك سيقرؤها شخصٌ غيرُك وسيراها من زاويةٍ القارئ؛ احرص على أن تتلقى ملاحظاته الصريحة فيها وقيِّمها ثمّ اقرأ أنت مقالتك مجدَّدًا وغيِّرها بما يلزم.
إن كانت إحدى الفقرات غيرُ مفهومةٍ مثلًا، صُغ لهذا القارئ صياغةً أخرى واسأله عن رأيه، وهكذا تفاعل معه حتى تصل إلى النسخة النهائيَّة، لا تقتصر المراجعة على الصياغات، فمن المهم ملاحظة الأخطاء الكتابيَّة إن وُجِدَتْ أيضًا.
احرص أيضًا وأنت تعدُّ مسوَّدتك على تقسيم المقالة إلى فقراتٍ ليست شديدة الصغر ولا ضخمة الحجم، بل متوسِّطة كما ترى في هذه المقالة، هذا يُحسِّن تجربة القارئ ويسهِّل عليه القراءة.
بالطَّبع، هذا يختلفُ في المقالة عنه في الكتيِّب أو الكتاب، في الأخيرَيْن الأمر أوسع ويُمكن للفقرات أن تكون أطوَل، لكن الفكرة واحدة: ينبغي تقسيم النصّ بحيث يَسهُل على بصر القارئ تتبعه.
الاحتجاج بالمصادر
حين تكتبُ موضوعًا يتضمَّن معلومات، من المهمّ أن تستشهد بالمصادر التي أتاحت لك التوصُّل إلى آرائك، أو اعتمدت عليها لشرح الموضوع، مثلًا إن كتبتَ مقالةً حولَ تأثير التواصل المباشر بين المدرس والطالب على أداء الطالب، لا بُد أن تُشير إلى الإحصاءات التي اعتمدت عليها.
الاحتجاج بالمصادر يُعطيك مصداقيةً، ويبني صورتك الذاتية بوصفكَ على علمٍ واطلاعٍ في الشأن الذي تكتبُ فيه.
كثرة القراءة لتحسين أسلوب الكتابة
من النصائح المشهورة للكُتَّاب أيضًا: كثرة القراءة، لا تنفعك كثرة القراءة في اكتساب معلوماتٍ فقط، بل تزرع في ذهنك -إن اخترت الجيِّد من الكتابات- التنظيم السليم والمصطلحات المناسبة في المواضيع التي تقرأ حولَها.
القراءة أيضًا تطبعُ أسلوبك بأساليب كتَّابٍ مختلفين فتستفيد منهم وتطوِّرُ أسلوبك الفريد، وتُساعدك على تجاوز القصور اللغويّ والتعبيريّ الذي يكثُرُ عند من يشعرون بحيازتهم للمادَّة لكن لا يعرفون كيف يبدؤون بالكتابة.
هذا يشمل قراءة المقالات والمنشورات والكتب.
يُمكن أيضًا الاستعانة بالعصف الذهنيّ لحلِّ مشكلة انغلاق الذِّهن وعدم القدرة على الكتابة.
هذه مجموعةٌ من النصائح وجدناها نافعةً في الكتابة وينبغي مراعاتُها، لكن ليست هي -حصرًا- ما يكوِّنُ الكاتب، مع الكتابة والمراجعة والاستفادة من تجارب الآخرين يكتسبُ الكاتب تجربةً مُعينةً له على تحسين أسلوب كتابته.
شجِّع جمهورك على التعليق لتتلقَّى منهم آراءهم حول النقائص التي تقع فيها، وكذلك الأسئلة التي ستُعينك في اختيار مواضيع المقالات، كلَّما عرفتَ جمهورك أكثر استطعتَ مخاطبتهم بما يناسبهم.
لم عليك تحسين أسلوب الكتابة وفيما بنفعك هذا؟ يُمكن تصوُّر مجالاتٍ مختلفةٍ حيث تنفعك الكتابة في حياتك العمليَّة من حيثُ كونِك مدرِّبًا أو مدرِّسًا، كنا قد أشرنا إلى أحَدِها وهو التسويق عبر المحتوى المجاني. ولا يختلف الأمر إن كنتَ تريد أن تُقدِّم لطلَّابِكَ مقالًا ليقرؤوه، أو استعملت الكتابة في إحدى موادّ دورتك، أو كتبتَ كُتيِّبًا لهم، إلى غير ذلك. الغرض من هذا المقال إرشادك إلى كيفيَّة تحسين أسلوب الكتابة لتتعامل مع هذه الحالات.
في غالبِ ما سنذكره، يُمكنك تطبيق ما سنذكره حول المقالات على أيّ نوعٍ آخر من الكتابة تُريد أن تتمرَّس فيه، والفكرةُ في هذا الدليل هو أنَّ النصائح الواردة فيه تُحسِّن تجربة القارئ، وتحسين تجربة القارئ يعني -مع عوامل أخرى- إقبالًا أكثر على محتواك.
ثمَّة نصائح عامَّة، أو محاور رئيسة، ينبغي مراعاتُها لتحقيق الغرض المنشود.
النحو والإملاء
ثمّة فكرةٌ خطأ، وهي شائعةٌ، ملخَّصُها أنّ “الأهم المضمون لا الشكل”، ليس هذا محلَّ الخوض في التفصيلات الدقيقة لخطأ هذا القول وعدم انطباقه على اللغة التي هي وسيطك للتعامل مع القُرَّاء، لكنَّ الثابت أنَّ مراعاة قواعد اللغة المُتحدَّث بها عاملٌ أساسٌ في تجربة القارئ.
النحو مبنيّ على معاني اللغة، وهو القالب الذي تصلُ من خلاله شتَّى المعاني إلى القارئ، ومِن ثَمّ فمراعاته أمرٌ في غاية الأهميَّة، ناهيك عما يحصل للقارئ من تشتُّتٍ بسبب الأخطاء إذا قرأ مقالةً مليئةً بالسَّقَطات النحوية.
الأمر ينطبق أيضًا على الإملاء، وينبغي في هذا الصَّدد استعمال القواعد التي تعارف عليها أهلُ زماننا في كتابتهم الاصطلاحية، ككون الهمزة تأخذ حركة الأقوى بينها وبين ما يسبقها، وينبغي مع ذلك مراعاة استعمال علامات الترقيم.
علامات الترقيم أمرٌ مستجدّ، لو عُدتَ إلى المخطوطات العربيَّة لن تجدها، بل ولا في المطبوعات القديمة، لكنها باتت أمرًا ضروريًّا اليوم ودخلَتْ في الكتب بشقِّيها القديم والحديث، وهي مُعِينةٌ على فهم المُراد، فتنبغي مراعاتها.
بالطَّبع، يُراعى في علامات التَّرقيم الاستعمال المُتعارف عليه أيضًا، ككون الفاصلة تأتي بعد ما قبلها بلا فراغ، ويسبقها ما بعدها بفراغ، كما ترى في هذه المقالة.
ليس الأمر صعبًا، ليس عليك أن تتوسَّع في النحو والإملاء وتكون عالمًا بكتبِها وحواشيها؛ فذاك للمختصّ، يكفيك أن تحضُرَ دروسًا للمبتدئين، سواءٌ على الطريقة التراثيَّة أو على الطريقة الحديثة.
الدروس منتشرةٌ ومجانيَّةٌ في كلِّ مكان، ما عليك إلا أن تبحث بحثًا سريعًا على غوغل، خصوصًا في الإملاء. أمَّا في النحو، فاستماعك إلى شرحِ متنٍ كالآجرُّوميَّة -وهو متنٌ نحويّ صغير وشُرح كثيرًا- كافٍ، وبوسعك أيضًا أن ترى دروسًا حديثةً أيضًا، الأساسيَّات سهلةُ التعلُّم.
الجُهد المبذول لمعرفة أوائل النحو ليس ضائعًا، ففضلًا عن الكتابة السَّليمة، علم النحو يرتِّب الذِّهن أيضًا بحيثُ يكون قابلًا للتفكير المُنظَّم؛ اللغة عمومًا هكذا، تعلُّمها يُورِثُ الذِّهن ترتيبًا ونظامًا.
البلاغة
لعلَّك حين تسمع لفظ “البلاغة” تتوالى على ذهنك مصطلحاتٌ كالاستعارة والكناية والمجاز، اطمئنّ، ليس هذا ما نُريده. تعريف البلاغة هو: “مطابقةُ الكلام لمقتضى الحال“، بعبارةٍ مبسَّطةٍ: موافقة أسلوب الكلام لحال قارئك أو من تخاطبه.
لا يصلح أبدًا أن تتحدَّث عن وظائف مكوِّناتِ الحاسوب مثلًا وكأنَّك تكتبُ قصيدةً غزليَّةً، فتملأ المقالة بالاستعارات والكنايات، مقتضى الحال ههنا إيضاح وظائف هذه المكوِّنات بلغةٍ رصينةٍ وسلسةٍ ومفهومةٍ لمن تُخاطبه، ولا يحتملُ هذا الموضوع أسلوب القصائد.
أيضًا لا بُدّ أن تُراعي الجمهور الذي توجِّه له كلامك، هل توجهه للمبتدئين؟ هل توجهه لجمهور لا دراية له بما تتحدَّث فيه مُطلقًا وتُريد تعليمه من الصفر؟ أو توجِّههُ لجمهورٍ تفترض فيه بعض المعرفة وتُريد أن تزيده؟ مراعاة حال القارئ في هذه الحالات هي البلاغة.
الخروجُ عن هذه الدائرة بالإكثار من الاستعارات والكنايات في مواضيع لا تصلح تُسمَّى “تكلُّفًا” لا بلاغةً، لذا احرص على تجنُّبِه، أبقِ الكلام بسيطًا وفكِّر في حال المخاطب وكيف سيتلقَّى كلامك، وبناءً على هذا باشر الكتابة.
القاعدة الذهبيَّة في هذا الشأن: لا تتكلَّف.
البحث وتدوين رؤوس الأقلام
قبل أن تُباشر الكتابة في أيِّ موضوعٍ، ابحث الجزئيَّة التي تُريد الحديث عنها حتى تكون ملمًّا بها، حاوِل أن تُحِيط بها من كلِّ جوانبها دون أن تخرُجَ عنها إلا بالمقدار الضروريّ لفهمها.
إن كنت تُريد مثلًا أن تكتبَ حول التصوير، لا تتفرَّع إلى شرح مواصفات الكاميرات وتُسهِب فيها، اكتفِ بما هو ضروريّ في موضوعك الذي هو التصوير، ستبحثُ في هذه الحالة عن أمورٍ كعوامل جودة الصورة والإضاءة وما إلى ذلك.
وأنت تبحث، دوِّن رؤوس أقلام، هذا مهمٌّ جدًّا، والسرُّ في أهميَّتِه أنَّك حين تأتي لكتابة نصِّ المقالة ستكون مشتَّتَ الذهن نظرًا لكثرة المعلومات التي قرأتَها أثناء البحث، وجود رؤوس أقلامٍ أمامك سيُساعد في ترتيب المعلومات تحت الخانات في ذهنك، ومن ثَمّ ترتيبها أثناء الكتابة.
المسوَّدَة والمُراجَعة
تعامَل مع كتابَتِك الأولى على أنَّها مسوَّدة؛ نُسخةٌ أوليَّةٌ غير جاهزةٍ للنَّشر، هذه الذهنية التي تكتبُ بها ستُعينك على الاستمرار بالكتابة وعدم التوقُّف للتصحيح أو لمحاولة تكميل المقالة وجعلِها في أحسن حال.
بعد أن تنتهي من كتابة المسوَّدة، لا تكتفِ بمراجعتها بل استعن بشخصٍ تعرِفُه لقراءتها، هذا يعني أنَّ مقالتك سيقرؤها شخصٌ غيرُك وسيراها من زاويةٍ القارئ؛ احرص على أن تتلقى ملاحظاته الصريحة فيها وقيِّمها ثمّ اقرأ أنت مقالتك مجدَّدًا وغيِّرها بما يلزم.
إن كانت إحدى الفقرات غيرُ مفهومةٍ مثلًا، صُغ لهذا القارئ صياغةً أخرى واسأله عن رأيه، وهكذا تفاعل معه حتى تصل إلى النسخة النهائيَّة، لا تقتصر المراجعة على الصياغات، فمن المهم ملاحظة الأخطاء الكتابيَّة إن وُجِدَتْ أيضًا.
احرص أيضًا وأنت تعدُّ مسوَّدتك على تقسيم المقالة إلى فقراتٍ ليست شديدة الصغر ولا ضخمة الحجم، بل متوسِّطة كما ترى في هذه المقالة، هذا يُحسِّن تجربة القارئ ويسهِّل عليه القراءة.
بالطَّبع، هذا يختلفُ في المقالة عنه في الكتيِّب أو الكتاب، في الأخيرَيْن الأمر أوسع ويُمكن للفقرات أن تكون أطوَل، لكن الفكرة واحدة: ينبغي تقسيم النصّ بحيث يَسهُل على بصر القارئ تتبعه.
الاحتجاج بالمصادر
حين تكتبُ موضوعًا يتضمَّن معلومات، من المهمّ أن تستشهد بالمصادر التي أتاحت لك التوصُّل إلى آرائك، أو اعتمدت عليها لشرح الموضوع، مثلًا إن كتبتَ مقالةً حولَ تأثير التواصل المباشر بين المدرس والطالب على أداء الطالب، لا بُد أن تُشير إلى الإحصاءات التي اعتمدت عليها.
الاحتجاج بالمصادر يُعطيك مصداقيةً، ويبني صورتك الذاتية بوصفكَ على علمٍ واطلاعٍ في الشأن الذي تكتبُ فيه.
كثرة القراءة لتحسين أسلوب الكتابة
من النصائح المشهورة للكُتَّاب أيضًا: كثرة القراءة، لا تنفعك كثرة القراءة في اكتساب معلوماتٍ فقط، بل تزرع في ذهنك -إن اخترت الجيِّد من الكتابات- التنظيم السليم والمصطلحات المناسبة في المواضيع التي تقرأ حولَها.
القراءة أيضًا تطبعُ أسلوبك بأساليب كتَّابٍ مختلفين فتستفيد منهم وتطوِّرُ أسلوبك الفريد، وتُساعدك على تجاوز القصور اللغويّ والتعبيريّ الذي يكثُرُ عند من يشعرون بحيازتهم للمادَّة لكن لا يعرفون كيف يبدؤون بالكتابة.
هذا يشمل قراءة المقالات والمنشورات والكتب.
يُمكن أيضًا الاستعانة بالعصف الذهنيّ لحلِّ مشكلة انغلاق الذِّهن وعدم القدرة على الكتابة.
هذه مجموعةٌ من النصائح وجدناها نافعةً في الكتابة وينبغي مراعاتُها، لكن ليست هي -حصرًا- ما يكوِّنُ الكاتب، مع الكتابة والمراجعة والاستفادة من تجارب الآخرين يكتسبُ الكاتب تجربةً مُعينةً له على تحسين أسلوب كتابته.
شجِّع جمهورك على التعليق لتتلقَّى منهم آراءهم حول النقائص التي تقع فيها، وكذلك الأسئلة التي ستُعينك في اختيار مواضيع المقالات، كلَّما عرفتَ جمهورك أكثر استطعتَ مخاطبتهم بما يناسبهم.