صناعة المحتوى الرقمي: الأنواع والميزات

باتَ المحتوى الرَّقميّ – Digital Content مصطلحًا ينطبِقُ على شريحةٍ واسعةٍ من المُنتجات، وهو يعني باختصارٍ المحتوى الذي ينحصِرُ وجوده في الفضاء الإلكترونيّ الرقميّ ولا يمتدّ إلى الواقع الحسي. وتتسع أيضًا دائرة صناعة المحتوى الرقمي بأنواعه المختلفة مع ازديادِ أنواعه، النُّسخ الرقميَّة من الألعاب الإلكترونيَّة والصُّكوك الرقميَّة الفريدة – NFTs والدَّورات التعليمية الإلكترونيَّة والكتُب الإلكترونيَّة، كلُّ ذلك يُعدّ من المحتويات الرَّقميَّة، لكن عليك أن تسأل نفسك: ما الذي يُهمِّني منها؟

لا نعني بما يهمُّك منها ما أنت مهتمٌّ باستهلاكه، بل ما تهتمّ باستغلاله ليكون ضمن مشوارك في صناعة المحتوى الرقمي وبيعه، بناءً على إجابتك لهذا السؤال ستضيق دائرة بحثك، هذا مهمٌّ جدًّا، لأنَّ هذه الدائرة واسعةٌ جدًّا ولا يُمكن تتبُّع كلّ ما فيها، على الأقل ليس بالكفاءةِ نفسِها.

ثمَّة جوانب تشترك فيها كافَّة أشكال المحتوى الرقميّ، بل ثمَّة جوانب يشترك فيها المحتوى الرقميّ مع الفيزيائيّ، ما نهتمّ به اليوم هو النّقاط المتعلِّقة بفوائد المحتوى الرقميّ عمومًا، مع إرشاداتٍ لصناعته، لكنَّنا سنركِّز على المحتوى الذي يرتبط بطبيعة المنصَّة، كالدورات والكتب.

لماذا تستثمرُ في صناعة المحتوى الرقمي؟

أوَّلُ سؤالٍ تطرحه على نفسِك حين يَقترح عليك أحدُهم الاستثمار في مجالٍ ما يتعلَّقُ بالفائدة العائدة عليك من ورائه؛ المُشاركة في الفضاء الرقميّ أمرٌ طبيعيّ ومعتاد، لكن الاستثمار فيه ودخوله على أساس أنَّه سوق عمل يختلف ويتطلَّبُ ذهنيَّةً مستقلَّة.

لتقريب الصُّورة حول فائدة هذا النَّوع من المحتوى، لنطرَح مثالًا واضحًا وسهل الفهم؛ شركات الألعاب اليوم توفِّر للمشتري خيارين: له الحريَّة في شراء النُّسخة الفيزيائيَّة، وله الخيار في شراء النُّسخة الرقميَّة، لو وضعتَ نفسَك في هذا الموضع ستكتشف لمَ يلجأ طالبُ الرِّبح للمحتوى الرقميّ.

فلنُحلِّل المميّزات من كلا الجهتين؛ من جهة البائع ومن جهة المشتري.

من جهة البائع: النسخ الرقميَّة من الألعاب لا تحتاج إلى شحن، ولا إلى توزيع، لن تُضطَرّ الشركات لتحمُّلِ أيّ تكاليف إضافيَّةٍ في هذه الحالة، أمَّا من جهة المُشتري: فالنُّسخ الرقميَّة لا تتطلَّبُ منه أن يَخرُجَ إلى متجرٍ حقيقيّ ليشتريها، أو يطلبَها فيُحسب عليه سعر الشَّحن والتوصيل.

لنترك الألعاب إلى شيءٍ أكثر ارتباطًا بهذه المنصَّة، الدَّورات الحضوريَّة تتطلَّبُ منكَ مكانًا لإقامتها، هل تتأجَّرُ صالةً؟ أو يتَّسع بيتُك؟ ثمّ هي تتطلَّب أن يكون الحاضِرون من مكانٍ قريب، أو يسافِرون إليك لحضورها، وبوسعك أن ترى أن عدم الاحتياج إلى كلِّ هذا من مصلحة كلٍّ من البائع والمشتري.

الكُتُب الإلكترونيَّة ينطبق عليها الكلامُ ذاتُه، في حال عرفتَ جمهورَك والوسط الذي تبيع فيه لن تتضرَّرَ مُطلقًا بترك الطباعة؛ الكُتُب الورقيَّة تتطلَّبُ منك تكاليف كبيرةً لطباعتها وتوزيعها، والحلّ التلقائيّ في هذا هو تسليم أمرِها إلى دار نشرٍ أكثر منك خبرةً وعلمًا بمراحل الإنتاج والتوزيع، لكنْ في هذه الحالة ستذهب معظم الأرباح إليها.

كلُّ ذلك لا حاجةَ له في الكتب الإلكترونيَّة، حتى إن اقتطعت منصَّات بيع الكتب منك أو طلبت تكاليف للعرض، لا يُقارن هذا بتكاليف بيع كتابٍ ورقيّ.

هذا لا يعني أن المحتوى الرقميّ أحسن مطلقًا من المحتوى المادّي أو الواقعيّ، سوق الكتب الورقيَّة مثلًا قويّ إذْ يُفضّل قراءٌ كثر الكتب الورقيَّة على الرقميَّة، بعضُهم قد تكون عندهم مشكلةٌ في النظر إلى الشاشة لساعاتٍ طويلةٍ للقراءة، إلخ. ما نريد بيانَه ههنا هو أن للمحتوى الرقميّ ميزاتٌ تتوفَّر فيه من شأنِها أن تكون جاذبةً لكلٍّ من المستثمر والمشتري.

ما الذي تحتاجُ إليه لصناعة المحتوى الرقمي؟

أشكال المحتوى الرقميّ كما قلنا كثيرةٌ جدًّا ويصعُبُ حصرُها، لكنّ ما عليك فعلُه هو حصرُ ما يهمُّك لتعرفَ من خلاله الخطوات التي تُوصِلُك إلى إجادة صناعته، إجمالًا: حاول حصرَ ما تحتاج إليه من خلال التفكير في المهمَّة الأساسيَّة التي تقوم بها، سنقدِّم نموذجًا.

أنت تقدِّمُ دوراتٍ تعليميَّة، تصوَّر أنها المركز، ثمّ اتَّسع في الدائرة لترى ما يُحيط بها، تحتاجُ إلى:

  • صناعة المحتوى المجانيّ الجاذب: ممَّا يعني أنَّك بحاجةٍ إلى كتابةِ مقالاتٍ على مدوَّنتِك أو موقعك نفسِه.
  • بوسعكَ أيضًا في سياق المحتوى المجانيّ نفسِه أن تُنتِجَ فيديوهاتٍ مختصرة للتعريف بمحتواك وبيان معرفتك في مجالك، هذا يتطلَّبُ منك معرفة أساسيَّات مَنتَجة الفيديوهات.
  • تحتاجُ إلى هذه الأساسيَّات أيضًا لمَنتَجة الفيديوهات التي ستقدِّمُها لطلَّابك.
  • للمحتوى المكتوب، تحتاجُ إلى إلمامٍ عام بتطبيقات الكتابة كـGoogle Docs أو Microsoft Word، وإن كنتَ تُريد نشر كتابٍ إلكترونيّ تحتاجُ إلى معرفة كيفيَّة تنسيقه.

وهكذا، لا بُدّ أن تسأل نفسك: ما الذي أحتاجُ إلى معرفته لفعل كذا وكذا؟ الإجابة على هذا السؤال ستُؤهِّلُكَ لوضع خطَّةٍ للتعامل مع هذا النوع من المحتوى والتوسُّع في الإلمام به تدريجيًّا.

المقالات والفيديوهات وملفَّات النصوص جميعُها محتوياتٌ رقميَّة، وقد احتجتَ إلى الإلمام بنسبٍ مختلفةٍ منها لتُقدِّمَ ما تقدِّمُه من المحتوى الرقميّ، بهذه الطريقة تتوسَّعُ إلى أيّ محتوى تريد إضافته إلى مشوارك.

المحتويات الرقمية محتوياتٌ قابلةٌ للتناغم بين أنواعها المختلفة نظرًا لحقيقة أن الأدوات المستعملة في كلٍّ منها متقاربةٌ وتحت فضاءٍ واحد، لذلك ستجد في مجالٍ واحدٍ كالتعليم مثلًا عدة أشكالٍ مستعملةٍ تخدم غرضًا واحدًا.

المحتوى الرقمي أيضًا مهيَّأ للأسلوب التفاعلي، لذلك ستجد كثيرًا من أجزاء الدورات التعليمية الرقمية لا يعتمد على حضور المدرس ومع ذلك يهيئ للطالب التفاعل معه، بعض الأشكال لا تستدعي تدخل صانع المحتوى مطلقًا كاختبارات تحليل الشخصية، لذلك فخيارات التفاعل مع الطلاب جميعها متاحةٌ لك لو كنت مدرِّبًا وقس على ذلك صناع باقي الأنواع.

أهميَّة التخطيط في صناعة المحتوى الرقمي

من الأمور المهمَّة في صناعة المحتوى الرقمي التكيُّف مع الجمهور المستهدف، هذا يتطلَّبُ منك في حالة المحتوى المدفوع بناء نموذج شخصيَّة المُشتري لينال مُنتَجُك تفاعلًا مُرضِيًا، ويتطلَّبُ منك قبل ذلك البحث.

ما هو المجال الذي عندك فيه من العلم ما يؤهِّلُك لتقديم دورةٍ أو تأليف كتابٍ وبيعه؟ ما هو حجم الطَّلب على هذا المجال؟ استخدم وسائل كمؤشِّرات غوغل – Google Trends للتوصُّل إلى إجابةٍ حول هذا المجال، والمواضيع التي بداخله.

تذكَّر دائمًا أنْ تُخصِّص المحتوى لتتجنَّب الغموض مع الجمهور ولتتجنَّب المنافسة الشديدة أيضًا، مثلًا إن أردتَ تقديم دورةٍ في الرَّسم الرقميّ – Digital Painting خصِّصها بتعليم تطبيقٍ واحد دون تشعُّب، وتعليم الأساسيَّات لا تعليم كلِّ شيء. هذا ينفعُكَ في وضوح الصورة للطالب المُحتمَل، ويُفيدُكَ أيضًا في تقليل المنافسة.

بعد أن تُقرِّرَ الموضوع باشِر ببناء نموذج شخصيَّة المُشتري؛ هذا يعني باختصار دراسةً كاملةً للفئة المستهدفة: أماكن تواجدها، أعمار المُندرجين تحتها، اللغة المستعملة فيما بينها، المواضيع الشائكة التي يرغبُ أفرادها بتعلُّمِها، إلخ.

يدُور هذا النموذج حول شيءٍ واحد هو أن يتناسب المحتوى مع الجمهور المستهدف، بناءً على المعلومات المتحصِّلة من هذه الدِّراسة ستُنتجُ محتوًى مصطبغًا بصبغة هذه الفئة التي تستهدفُها وستكون جاذبًا لها.

أمَّا في التخطيط لبناء المادَّة نفسِها فهذا يعتمد عليك وعلى ما تُريد تقديمه تحديدًا، في حالة المقالات المجانيَّة مثلًا إذا حدَّدتَ أنَّك تُريد الكتابة عن ضروريَّة حضور الجوانب المرئيَّة في التعليم، ضَع المحاور الرئيسة التي تُريد الكتابة حولَها، ثمّ اشرع بالبحث في الدّراسات والإحصاءات بناءً عليها.

في حالة الكتب بعد أن تحدِّدَ الموضوع، حدِّد الفصول التي سينقسمُ إليها واجمع المادَّة في كلٍّ منها قبل كتابة المقدِّمة والغرض من الكتاب، وهكذا تنطبقُ هذه التدريجيَّة على كلّ محتوى رقميّ تُريد صناعته.

المهمّ في كلِّ ذلك تحديد البوصلة، إلى أين تسير؟ إن حدَّدتَ المجال والفئة المستهدفة وتكيَّفتَ معها، ستكتشفُ أكثر خلال تفاعلك معها، أما ما ذكرناه هنا فهو الأساس الذي ينبغي أن تنطلق منه ونصائح عامّة تناسبك.

أنشئ موقعك التعليمي الخاص وابدأ بيع دوراتك التدريبية أونلاين

ستجد معنا كل ما تحتاجه لتنشئ أكاديميتك التعليمية وتبدأ بيع دوراتك
وتقدم أفضل تجربة استخدام عربية لطلابك

14 يوم تجريبي، دون ادخال بيانات الدفع.

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انضم إلى +5050 مشترك يقرؤون نشرة أسبوعية تتناول مواضيع ونقاشات رائجة حول اقتصاد المحتوى والمنتجات الرقمية وريادة الأعمال وتكنولوجيا التعليم.