إستراتيجيات التسعير – Pricing Strategies: إجراءاتٌ تستهدف الوصول إلى تسعيرٍ مناسبٍ لمُنتجك يُوفِّر لك الرّبح ولزبونك الرّضا.

ثمَّة خصوصيَّاتٌ في إستراتيجيات التسعير لا يُمكن حدُّها بحدّ معيَّنٍ، لأنَّها تابعةٌ لنوع المُنتج الذي يُسوَّق، لكن في الوقتِ ذاتِه ثمَّة إستراتيجيَّاتٌ عامَّةٌ تُناسب المُنتجات عمومًا. سنُركِّز على المُنتجات الرَّقمية -كالدورات والكتيِّبات الإلكترونيَّة- لكونها ما يستهدف بيعه المعلِّم الإلكترونيّ.

أهميَّة دراسة السُّوق

أوَّلُ شيءٍ ينبغي أن تنتبه إليه في هذه العمليَّة هو السوق، ما حجم السُّوق؟ لا بُدَّ -لتُجيب على هذا السؤال- أن تنظُرَ أوَّلًا إلى مادَّتك وما تبيعه تحديدًا، ولا يكفي أن تقول إنك تبيع دوراتٍ تعليميَّة، بل يجب أن تُحدِّدَ نوعية الدورات التي تقدِّمُها.

لنقُل إنَّك تُريد تقديم دورةٍ في تطبيقات مايكروسوفت أوفس – Microsoft Office مثلًا، مثلُ هذه الدَّورة عامَّةٌ جدًّا وثمة كثيرٌ من المقاطع المجانيَّة التي تتحدَّث عن هذه التطبيقات، لذا عليكَ أن تقدِّم شيئًا يسترعي انتباه الجمهور، وأنْ يكون سعرُك مناسِبًا لحجم المنافسة حسبَ الشيء الذي ستُضيفه بتعليمك.

لا يقتصر الأمرُ على كثرة ما كُتِب وقِيل في مادَّةٍ ما؛ مثالٌ آخر هو أن تُريد تقديم دورةٍ حولَ فهم مواصفات مكوِّنات الحاسوب وما يحتاج المشتري لمراعاته حسب ما سيستخدمها فيه.

مثلُ هذه الدَّورة من الواضح أنَّ المنافسة فيها أقل من شرح تطبيقات الأوفِس، لكن عليك أن تبحث في أسعار المنافسين لك خصوصًا بلُغَتِك، ثمّ تقرِّر السعر بناءً على أمرين: الجديد في دورتك (سواء في الأسلوب أو في المادَّة)، ومدى قِدَمِك في المجال ومعرفة الناس لك.

تذكَّر أنَّ عِلمَك شيء، ومعرفة الناس بك شيءٌ آخر؛ حتى إن كانت معرفتُك أوسع من غيرك، ما دام الناس لم يجربوا محتواك ولم يعرفوه، فأنت في طور بناء الصورة الذَّاتيَّة، وتحتاج إلى جذب الزبائن المحتملين بطُرُق مختلفة.

الخلاصة في هذا الشأن هي الآتي: عليك أنْ تُراعي مدى تأسيسك في المجال ومعرفة النَّاس لك، وأسعار المنافسة، وموضوعك الذي تُريد تقديم دورةٍ فيه، بجمع هذه المعطيات تتوصَّل إلى التسعيرة المناسبة لك ولزبائنك المحتملين.

هذا ينطبق على الكتيِّبات أيضًا، وكثير من المُنتجات الرقمية، مع تغييراتٍ طفيفةٍ تتعلَّق بمراحل صناعة المُنتج.

الحُزم المختلفة

قد تحدَّثنا سابقًا أنَّ الحُزم – Bundles من أساليب زيادة المبيعات، وهي أيضًا من إستراتيجيات التسعير، إذ يرتفع السِّعر إذا اختار الزبون مُنتجيْن من مُنتجاتك، لكن المجموع يكون أقلّ مما لو طلب المُنتجين كلٌّ منهما وحده.

الفكرة في الحُزم هي عرض مميّزاتٍ أكبر بمجموع سعرٍ أقلّ؛ لو أن عندك دورةً في تعليم مَنْتَجَة الفيديوهات – Video Editing فاحتمالٌ كبير أن المهتمَّ بها يهتمُّ أيضًا بالإضاءة والتصوير، فحين يأتي ليُسجِّل في الدورة الأولى تَعرضُ عليه دورتك الأخرى في الإضاءة والتصوير بمجموع سعرٍ أقلّ.

قد تكون عندك ثلاث مراحل، دورة، ودورة مع كتاب، وكلاهما مع دورةٍ أخرى، لا يُحدّ هذا بعدد بل المهمّ فيه أنْ تدرُسَ زبائنك ومحتواك وترى ما يصلح ربطه مع غيره، مع إتاحة الشراء المستقلّ لمن لا يُريد سوى دورة.

الجاذب في الحُزم أنّ الزبون يحصُل على مُنتجاتٍ بسعرٍ أرخص من مجموع المُنتجات مستقلَّةً، ففي حين هي إستراتيجيَّةٌ ناجحةٌ للتسعير لكونها تُوفِّر خياراتٍ أكثر للمشتري، هي أيضًا صفقةٌ رابحةٌ للمشتري ما دام المحتوى الذي سيشتريه ذا جودة.

شيءٌ آخر داخل في إستراتيجيات التسعير ويُشبه الحُزم: توفير محتوى مجاني أو هديَّة للمشتري، مع توضيح كون هذه تحديدًا هديَّة، مثلًا من يشتري دورةً لك في الرسم الرقميّ يحصُل على كتيِّبٍ لك يتحدَّث عن صعود نجم هذا الرَّسم ومدى الرّبح المتحصِّل من ورائه.

السبب الذي من أجلِه يجذب هذا السعر المشتري (مع مراعاة ما ذكرناه حول المنافسة) هو أنَّك تُقدِّم للمشتري شيئًا إضافيًّا فوق السّعر لا يدفع من أجلِه شيئًا، فهو يرى -نظرًا لذلك- أنه يدفع أقلّ من الثمن الكليّ لما سيمتلكه لقاء هذا المبلغ، ومِن ثمّ يندفع للشراء.

الفارق النفسيّ في إنقاص وِحدة

من الإستراتيجيَّات الشائعة إنقاص وِحدة ليندرج السّعر تحت وِحدةٍ أقلّ، مثلًا ستجدُ الشركات بدلًا من أن تبيع المُنتج بـ100 دولار تبيعه بـ99 (بفواصل أو دونها) ولهذا تأثيرٌ نفسيّ على المُشتري إذ يستقبل العدد على أساس أنَّه تابعٌ للتسعين بدلًا من أن يكون في خانة المئة.

ليس هذا خاصًّا بالمُنتجات الرقميَّة، لكنَّه يشملُها.

الاختبار والتقييم

من الأمور المهمّة في التسعير أن تعدُّها عمليَّةً تراكُميَّة: معنى ذلك أن لا تقتصر على تطبيق العوامل مرَّة واحدةً ثمّ تكرِّر ذلك، بل تدرُس تجاربك لتستفيد، بوسعك مثلًا أن تُقيم اختبارات أ/ب في إستراتيجيات التسعير لتصِلَ إلى أنجح نِسبة.

الغَرَضُ من الاختبار هو تقييم مدى الاستجابة، هل وجدتَ إقبالًا أكثر حين ضمَّنتَ في الدَّورةِ كتابًا من كُتُبِك؟ هل ثمَّة فروقٌ ملحوظةٌ في مبيعات الحُزم وما هو السَّبب الأرجح لهذا؟ بناءً على إجابة هذه الأسئلة يُمكنك أن تكوِّن نموذجًا أنجح لتسعيراتك.

المهمّ أن لا تستعجل، رؤية الناجحين في مجالك مُشجِّعةٌ لكن محاولة البدء من حيث وصلوا -من حيث السعر- لن تنفعك كثيرًا، لا بُدّ أن تُراعي حال المنافسة، ومع تزايُدِ الزَّخم ومعرفة الزبائن لك ستُتَاح لك حريَّة أكبر في تعاملك مع الأسعار.

ما يهمّ أكثر من التسعير هو المحتوى، لو أنَّكَ طبَّقتَ ما قلناه لك حول المنافسة، وكنتَ جديدًا مثلًا، ستضعُ دورتك بسعرٍ أقلّ من سعر السُّوق، وفي هذه الحالة إن كان المحتوى الذي تقدِّمُه ذا جودةٍ، وحَسُنَ تلقِّي الزبائن له، فقد كسبتَ عددًا مُعتبرًا من الزبائن ولم تخسَرْ شيئًا.

وفي حال ركَّزت على المحتوى وراعيت العوامل المذكورة، مع معرفتك بجمهورك أكثر ستزداد كفاءة تسعيرك نظرًا لاعتيادك على جمهورك والعكس، تذكَّر أن لكلِّ تجربةٍ خصوصيَّتَها فأنت وجمهورك حالة خاصَّة ستطَّلِعُ على تفاصيلها أكثر مع الممارسة والتدريس شيئًا فشيئًا.

أنشئ موقعك التعليمي الخاص وابدأ بيع دوراتك التدريبية أونلاين

ستجد معنا كل ما تحتاجه لتنشئ أكاديميتك التعليمية وتبدأ بيع دوراتك
وتقدم أفضل تجربة استخدام عربية لطلابك

14 يوم تجريبي، دون ادخال بيانات الدفع.

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انضم إلى +5050 مشترك يقرؤون نشرة أسبوعية تتناول مواضيع ونقاشات رائجة حول اقتصاد المحتوى والمنتجات الرقمية وريادة الأعمال وتكنولوجيا التعليم.