بالتأكيد تتغير الأمور سريعا هذه الأيام…
أسرع من أن يستطيع الشخص أن يلحقها.
هذا ما كنت أفكر به عندما استطاع ابني ذو الثمانية أعوام من تغيير إعدادات الإنترنت بمفرده، مجيبا عند سؤاله بأنه استعان باليوتيوب ليتبع خطوات درسا تعليميا لتسريع الإنترنت ليلعب بسلام.
لم نكن نحصل على هذا القدر من رفاهية سرعة الحصول على المعلومة في أوقات سابقة مما لا شك فيه.
كان هذا موقفا بسيطا يوميا، لكنّه جعلني أتساءل عن كيف سيبدو شكل التعليم مستقبلا، فهؤلاء الأطفال، لديهم الصلاحية للوصول لأي معلومة بلمح البصر، فما هو دور المدرسة فعليا الآن؟ وكيف ستقنع طفلا ما، بأن يجلس ل 45 دقيقة ليتعلّم عن شيء يستطيع الحصول عليه بأقل من ثوان؟
اهتمامي بالتعليم انطلق في إحدى أمسيات عام 2019 الجميلة في مدينتي، الرياض، اجتمعت صدفةً في أحد المطاعم على طريق الإمام تركي الأول، مع شخص أعتز بفضله الكبير في مسيرتي المهنية بعد الله ووالديّ. كنا نتبادل أطراف الحديث، وأنا في مفترق طرق أبحث عن تحدٍ جديد يمنحني شغفاً للأعوام المقبلة. حينها سألني سؤالًا لم يجرؤ أحد قبله على طرحه: “ما هو هدفك في الحياة؟ ولأي شيء تعيش؟” بدا كأن السؤال قد أيقظني بعمق. لم أكن قد فكرت في ذلك بهذا الوضوح، إذ كنت مشغولاً بالأعمال والمال، لدي أهداف بعضها تحقق، وبعضها في الانتظار.
رددت حينها بتسرع: “أريد أن أترك أثراً يتحدث عنه الناس لقرن من الزمن.” ضحك وقال: “الأثر عندي، لكنني أريد إحداث فرق في التعليم وتطوير طرقه.” ومن هنا بدأ نقاشنا العميق.
قلت له: “أنا معك، لكن كيف يمكننا تغيير التعليم؟ تجربتي التعليمية كانت مليئة بالتحديات، فلم يكن التركيز على كيفية التعلم، بل على كمية المعلومات، وكنت أشعر بالإحباط لافتقارها إلى الإبداع والمعنى. لم أتعلم الكثير من مدرستي، بل من مصادر مختلفة خارجها.”
أجابني: “العالم يتغير بسرعة، ولكن نظام التعليم لم يتغير منذ أكثر من مئة عام. حان الوقت لنكون جريئين ونعيد التفكير.” عندها شعرت بالتحفيز وقلت له: “أنا معك بالكامل.”
ومنذ ذلك اليوم، بدأت رحلتي لصنع تغيير حقيقي في التعليم، وكيفية تبسيطه وجعله تجربة فريدة، تتماشى مع روح العصر. فالتعلم نور يهدي دروب الحياة ويخرجنا من ظلام الجهل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة.” العلم هو الذي يجعلنا أمة تبني، وتنهض بأفكارها وعقولها.
صدق الشاعر حين قال:
العلم يبني بيوتًا لا عماد لها ** والجهل يهدم بيت العز والكرم
هذه قصة الشخص الذي قرر أن يصنع فرقاً حقيقياً في مجال التعليم.
وهذه قصّة قصيرة عن ما يحدث عندما تضع هدفا واضحا أمام عينيك لتصل له…
قصّة عنوانها مساق.