السرد القصصي: ما هو وكيف يمكنك استخدامه في تسويق منتجاتك الرقمية؟

تقود المشاعر أغلب قرارات الناس في حياتهم اليوميّة، ويبنون عليها أغلب عاداتهم واختياراتهم المتكررة، خصوصًا تلك المرتبطة بالمال والوقت. فعندما يشتري أحدهم منتج “فيمتو” كمشروب حلوٍ للإفطار على رمضان، ما يدفعه لهذا الشراء ليس الحاجة للمشروب نفسه، ولا ميّزاته العلاجيّة، إنما الرغبة بالاستمتاع بالطعم ولكونه جزءًا لا يتجزأ من مائدة الإفطار والإحساس بالمشاعر المحيطة.

ما يدفع الناس لشراء فيمتو، وغيره من المنتجات التي تقع خارج خانة الضرورات الحياتيّة هو ذاك الشعور، والطريقة الأسهل لتوليد ذاك الشعور داخل المستخدم هو ربط هذه الخدمة بفكرة سعيدة – كما نرى في إعلانات فيمتو الرمضانيّة، وهذا ما يسمى بالسرد القصصي في مجال التسويق.

ما هو السرد القصصي؟

يُقصد بالسرد القصصي (Storytelling) الطريقة التي تقدّم فيها سلسلة من الأحداث لترك تأثيرٍ على المستمع أو القارئ أو المتابع، وتشمل هذه الطريقة استغلال أدوات مختلفة لشدّ الانتباه وإيصال الأفكار وبناء التوقعات واللعب عليها، كالتقديم والتأخير في ترتيب الأحداث، واختلاف نبرة الحديث، وتوظيف الصور أو التشابيه، وغيرها.

تلعب أساليب وأنواع السرد القصصية المختلفة دورًا كبيرًا في الطريقة التي يستقبل بها المتابع أو المستمع القصّة، وتؤثّر على نظرته إليها، وقد تكون وحدها قادرةً على تخطّي توقعاته وجذب انتباهه لموضوع القصّة حتى لو لم يكن هذا الموضوع مثيرًا لاهتمامه عادةً.

في المقابل، قد يكون السرد القصصي السيء دافعًا كافيًا لرفض القارئ أو المستمع للقصة، حتى لو كان موضوعها مثيرًا للاهتمام.

لهذا يمكنك الاستماع لساعاتٍ من بودكاست “جو روغان” مع ضيوفه بسبب قدرته على مساعدتهم في سرد القصص بطريقةٍ مميزةٍ، بينما قد تعاني في التركيز مع قصّةٍ يسردها أحد أصدقائك بسبب تشتت أسلوبه أو ضعف قدرته على تقديم الأحداث وترتيبها في تسلسلٍ منطقيٍ جاذب.

ما هي أنواع السرد القصصي؟

تختلف أنواع السرد القصصي باختلاف الوسط المستخدم لسرد القصّة، والمنظور المستخدم في السرد، وترتيب الأحداث المعتمد فيها.

أولًا: أنواع السرد القصصي بحسب وسط السرد

  1. السرد القصصي المحكيّ ومنه:
    • قصص ما قبل النوم والحكايات الشعبية
    • القصص المسرودة في المحاضرات والندوات الحيّة
    • القصص المحكيّة في الأحاديث اليومية والبودكاست والمقابلات الحيّة
  2. السرد القصصي المكتوب ومنه:
    • الروايات والقصص
    • منشورات التواصل الاجتماعيّ والتغريدات النصية
  3. السرد القصصي المرئي ومنه:
    • الإنفوغرافك والتصاميم الغرافيكية
    • الصور الفوتوغرافيّة والتوثيقيّة
    • الفيديوهات والأفلام والمسلسلات

ثانيًا: أنواع السرد القصصي بحسب المنظور

  1. السرد القصصيّ بلسان الراوي أو المراقب الخارجيّ
  2. السرد من منظور البطل أو المشارك في الأحداث

ثالثًا: أنواع السرد القصصي بحسب ترتيب الأحداث

  1. التقدّم الزمنيّ من الماضي للحاضر للمستقبل
  2. التنقل الزمني بين الماضي والحاضر
  3. اللمحات من الماضي – Flashbacks
  4. العودة من الحاضر للماضي

ما هو السرد القصصي في التسويق؟

يعتمد السرد القصصي في التسويق على بناء قصّة يمكن للمشتري أن يفهمها ويرتبط مع أحداثها بسهولة، ليزرع داخله شعورًا يرتبط بشكل مباشر مع المنتج على المدى الطويل. هذا الارتباط يجعل المشتري أكثر تقبّلًا لشراء المنتج، وأكثر ارتباطًا معه.

أوضح الأمثلة على السرد القصصي في التسويق الطريقة التي تستخدمها “فيمتو” في بناء علامتها التجاريّة في أعين المشترين، فهي تربط المشروب الذي تبيعه بمشاعر الألفة والمحبّة والتجمعات العائلية الرمضانيّة، وهي بمجملها مشاعر إيجابيّة، وتسرد قصصًا مشابهةً لتلك التي يعيشها المشتري بعد تضمين هذا المشروب فيها.

لا يقتصر أسلوب التسويق عبر السرد القصصي على المنتجات التقليديّة فحسب، بل هو أكثر شيوعاً في المنتجات الرقميّة، كمنصات الاستماع للموسيقى أو مشاهدة الفيديوهات وغيرها. 

كيف تستخدم تقنية السرد القصصي في تسويق منتجاتك الرقمية؟

يتوقع أن إنفاق المستخدمين على البضائع الرقميّة لهذا العام سيقارب 350 مليار دولار أمريكيّ وتتنوع هذه المنتجات بين الكتب الإلكترونيّة والألعاب والموسيقى والفيديو. تقع أغلب هذه المنتجات الرقميّة خارج خانة ضرورات الحياة، بل يمكن القول أنها أبعدها عنها، ولهذا يعتمد الكثير في تسويقها على أشد طرق التسويق إثارة للمشاعر.

لا يقتصر استغلال تقنيات السرد القصصي في التسويق للمنتجات الرقميّة على القصص المكتوبة فحسب، بل يتجاوزها إلى القصص المرئية والمسموعة، وحتى تلك التفاعليّة، وهذا ما يجعل استخدام هذه التقنيات في التسويق أكثر اتساعًا وتعقيدًا من استخداماتها في كتابة القصص التقليديّة.

بأيّ حال، تشترك جميع أوساط سرد القصص ببعض القواعد المشتركة، ويمكن تطبيق هذه القواعد الأساسيّة أثناء السرد بهدف التسويق للمنتجات الرقميّة للوصول إلى قصّة يمكن التفاعل معها والارتباط بها بسهولة.

كيف تستخدم تقنية السرد القصصي في تسويق منتجاتك

أولًا: حددّ الهدف من سرد القصّة

هل الهدف من سردك للقصة إقناع المتابع بالشراء؟ أم شرح فكرة مبهمة حول منتجك؟ أم محاولة ربط المنتج في ذهنه بشعور معيّن أو موقف معيّن؟ عليك أن تختار النتيجة الأمثل التي ترغب أن يصل لها المتابع في نهاية القصّة، هذا ما عليك أن تصبّ اهتمامك عليه أثناء التفكير بعناصر القصّة وتوجهها واللغة المستخدمة فيها.

ثانيًا: حددّ الجمهور المستهدف

تختلف تفاصيل القصة وطريقة سردها الأمثل باختلاف المتابع، ولهذا عليك اختيار الفئة المستهدفة بدقّة – يمكنك الاستعانة بهياكل شخصيّة العميل – Customer Persona لتحديد تفاصيل هذه الفئة والإجابة على الأسئلة المرتبطة بها بشكل أسهل وأكثر انتظامًا.

ثالثًا: اختر الأجواء المناسبة للقصّة

أهمّ ما يمكن للقصّة إيصاله للمتابع هو المشاعر، وهذا ما عليك اختياره قبل البداية في كتابة أو سرد القصّة. إن كانت قصّتك قادرةً على تقديم هذا الشعور للمتابع بقوّة فسيرتبط هذا الشعور بمنتجك في ذهنه لفترة طويلة جداً.

عبر التركيز على المشاعر المناسبة، يمكنك ربط منتجك بمشاعر المتابع كما يرتبط مشروب فيمتو بالجمعات العائلية، ومشروب ريد بول بالنشاط والحركة، وهواتف آبل بالثراء والرقيّ، وسبوتفاي بالتفرّد والشخصيّة المميزة.

رابعًا: اعتمد على أساسٍ موجود

أصل الجذب وشد الاهتمام في السرد القصصي نابعٌ من قدرة المتابع على الارتباط بالقصّة وتخيّل عناصرها بناءً على ما يعيشه في حياته، لهذا تحاول شركات السيارات الفارهة عرض سياراتها في بيئةٍ تظهر عليها عناصر الثراء، كناطحات السحاب والبيوت الفارهة والبدلات الرسميّة، بينما تعتمد شركات المشروبات الغازيّة مثل كوكاكولا على عرض منتجاتها بأيدي أشخاص عاديّيين، بملابس اعتياديّة.

هذا لا يعني أن كلّ عناصر القصّة يجب أن تكون مرتبطة بكلّ شخص، بل يكفي ترك صلةٍ بسيطةٍ يمكنه فهم الرسالة من القصّة عبرها، لا أكثر. كأن تعرض المنتج في موقف من الحياة اليوميّة، مع لمحة من الكوميديا والمبالغة في تقديم هذا الموقف.

خامسًا: فكّر جيدًا بالتوقيت والظروف

حتّى لو كانت قصّتك ملهمةً وممميزةً وممتعة، لن يكون تأثيرها إيجابيًّا إن عرضتها في وقت غير مناسب. فكّر جيدًا بالظروف المحيطة لجمهورك المستهدف، وحاول عرض قصّةٍ مناسبة لهذا الجمهور بعيدًا عمّا يمكن أن يسبب لهم الحساسيّة.

ليس من الحكمة على سبيل المثال أن تسرد قصّة بأسلوب حماسيّ ومتفائل بعد تعرّض السوق المستهدفة لكارثة طبيعيّة.

أنواع القصص المستخدمة في التسويق

أنواع القصص المستخدمة في التسويق

تتنوع القصص الممكن استخدامها في التسويق بتنوع المنتجات والجماهير المستهدفة والسياقات، لكن يمكن القول أن أكثرها شيوعًا يصبّ في ثلاث مجالاتٍ رئيسيّة يمكن الاعتماد عليها في أغلب الحالات.

أولًا: دراسة البيانات والإحصائيّات

خصوصًا بحالة المنتجات الرقميّة، يركّز الكثير من المشترين على البيانات والمعطيات الرقميّة المرتبطة بالمنتج، كالسعر مقارنة بأسعار المنتجات الأخرى المنافسة، وعدد المستخدمين، ومقاييس نجاح المنتج الأخرى.

وعلى الرغم من أن إظهار هذه البيانات وحده قد يكون كافيًا لإقناع العميل المحتمل بالشراء، إلا أنّ تضمينه ضمن سردٍ قصصيّ جذاب يمكن أن يعطي انطباعًا أكبر على المتابع ويقنعه حتّى بنشر المعلومة بين  معارفه وأصدقائه.

ثانيًا: دراسات الحالة وقصص العملاء

الدليل الأكبر على عمل المنتج وجودته هو إظهار تأثيره على المستخدمين والمشترين الموجودين سلفًا، وهو ما تقوم به الكثير من الشركات عبر إظهار حالات واقعيّة يمكن للمستخدمين الاستفادة من منتجاتهم فيها وإظهار نجاح هذه الحالات.

في الطرف المقابل، يمكن عرض قصص النجاح هذه من خلال سرد قصصي يربط القارئ بالمستخدم الموجود سلفًا ويبني بينهما ارتباطًا عبر نقاط يشتركون بها، كعرض خلفيّة المستخدم التعليميّة أو الماديّة، وتأثير استخدام المنتج على حياته.

ثالثًا: عرض بيئة العمل

في الكثير من المجالات التي تعتمد على تقبّل المشترين والعملاء لشخصيّة البائع أو قيم الشركة البائعة نفسها في بيع المنتج، يكون عرض بيئة العمل أو أسلوب العمل هو الطريق الأمثل لإقناع العملاء بالشراء.

على سبيل المثال، يميل الكثير من الناس إلى شراء الملابس والأحذيّة المصنّعة من مواد ملائمة للبيئة، ويمكن عرض بيئة العمل للتأكيد على هذا المحور وتطمين المشتري أنّ ما يشتريه فعلًا متوافق مع اهتماماته الأخلاقيّة.

يمكن عرض هذه البيئة عبر سرد قصصيّ يرافق المنتج عبر رحلات تصنيعه، وهذا ما يعزز صورة المنتج الصديقة للبيئة في ذهن المشتري.

الخاتمة

يمكن أن يحقق استخدام السرد القصصي في التسويق نجاحًا كبيرًا، ولكن لتحقيق ذلك، يجب الإلمام بالقصة وعناصرها واختيار الجمهور المناسب. إذ تحرك القصص المشاعر والأحاسيس التي تعتبر المحرك الأول لقرارات الناس أو العملاء.

ترغب بمعرفة المزيد عن تقنيات التعليم الرقميّ المختلفة؟ تحقق من دليل المدرب الإلكترونيّ.

الأسئلة الشائعة

ما هو السرد القصصي الرقمي؟

السرد القصصي الرقمي هو أسلوب يعمل على تحويل النص القصصي المكتوب وغير التفاعلي، إلى قصة رقمية تفاعلية.

ما هي عناصر السرد القصصي؟

– بطل القصة.
– المكان والزمان.
– الحدث.
– الهدف الرئيسي للقصة.
– أسلوب السرد.

ما أهمية السرد القصصي؟

يجذب السرد القصصي انتباه العملاء من خلال عناصر مختلفة كالصورة والفيديو وغيرها، مما يؤدي إلى زيادة التفاعل مع المحتوى المعروض وبالتالي زيادة المبيع.

ما هي صفات راوي القصص الناجح

– إدارة انطباع المتلقي.
– المباشرة.
– انتبه للتفاصيل.
– التعاطف.
– الإِبداع.
– التحرير.
– التفكير الاستراتيجي.

ما هو الشكل الأكثر شيوعًا لرواية القصص؟

السرد: هو الشكل الأكثر شيوعًا لرواية القصة. ويمكن أن تكون الروايات مكتوبة أو شفهية.

أنشئ موقعك التعليمي الخاص وابدأ بيع دوراتك التدريبية أونلاين

ستجد معنا كل ما تحتاجه لتنشئ أكاديميتك التعليمية وتبدأ بيع دوراتك
وتقدم أفضل تجربة استخدام عربية لطلابك

14 يوم تجريبي، دون ادخال بيانات الدفع.

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انضم إلى +5050 مشترك يقرؤون نشرة أسبوعية تتناول مواضيع ونقاشات رائجة حول اقتصاد المحتوى والمنتجات الرقمية وريادة الأعمال وتكنولوجيا التعليم.