التسويق عبر دراسات الحالة: كيف تفتح أبوبًا جديدةً لبيع منتجاتك

يقدّم المنتج ذاته في كثير من الأحيان لكل مشترٍ قيمةً مختلفةً، وهذا باختلاف خلفيّة هذا المستخدم وطريقة استخدامه وهدفه من شراء المنتج؛ أبسط الأمثلة على هذا السيارات رباعيّة الدفع، فعلى الرغم من استهدافها للسائقين المحتاجين لسيارات قادرة على اجتياز الطرق الوعرة، يشتريها البعض أيضًا لقدرتها على حمل ونقل الأوزان الثقيلة.

من طرف تجعل هذه الاختلافات تسويق المنتج أكثر تعقيدًا وصعوبةً، فهناك أكثر من شخصيّة عميل وأكثر من سوقٍ مستهدفة، ولكلّ منها قمعًا تسويقيًّا خاصًّا. أما من الطرف الآخر، فهي تتيح لبائعي المنتجات أبوابًا عديدةً لتسويق وبيع منتجاتهم وهذا عبر استغلال التسويق عبر دراسات الحالة المختلفة لاستخدام هذا المنتج.

وبسبب طبيعة المنتجات الرقميّة وسوقها، تلعب أغلب المنتجات الرقميّة أدوارًا مختلفةً بحسب حاجة الزبون؛ فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام منصّة مساق من طرف المدرّبين المستقلّين، وبائعي المنتجات الرقميّة، وأصحاب الشركات أو مراكز التدريب على حدّ سواء، فهي تقدّم ميزات تنفع كلّ هؤلاء.

هذا ما يجعل التسويق عبر دراسات الحالة نمطًا شائعًا جدًا من أنماط التسويق بالمحتوى على الشبكة، وما يجعله من أكثر الطرق تأثيرًا على نظرة المستخدم للمنتج واقناعه بالشراء والاستخدام.

ما هو التسويق عبر دراسات الحالة؟

التسويق عبر دراسات الحالة طريقةٌ يستعرض فيها بائعي المنتجات الطرق المختلفة التي يمكن استخدام منتجاتهم فيها، وهذا عبر أمثلة واقعيّة يمكن للمستخدم أو المشتري فهم قيمة المنتج من خلالها والاقتناع بملائمة هذا المنتج لحالة استخدامه.

يعتمد التسويق عبر دراسات الحالة على المزج بين السرد القصصي وعرض البيانات، ويمكن تقديمه على شكل محتوىً نصيّ أو مرئيّ أو مسموع، ويتضمّن عادةً قصص نجاح لعملاء سابقين للمنتج، وعرضًا تفصيليًا لطريقة استخدامهم له.

في حالة التسويق للمنتجات الرقميّة عبر دراسات الحالة، يمكن استغلال هذا المحتوى في استهداف فئات جديدةٍ من المستخدمين وتغطية المزيد من كلمات البحث المفتاحيّة التي يمكن أن تقود مستخدمين جدد للمنتج.

في السنة الأخيرة، برز استخدام شركة Apple للتسويق عبر دراسات الحالة في إعلاناتها المرتبطة بالساعة الذكيّة، حيث استعرضت استخدامات هذه الساعة في مجالات وحالات مختلفة، لتغطي طيفًا واسعًا من المستخدمين، بدايةً من الرياضيّين والمهتمّين بمراقبة صحّة أجسامهم، وحتّى المرضى والكبار في السنّ، ووصولًا إلى سائقي السيارات المعرّضين لخطر الحوادث.

ما أهمية التسويق عبر دراسات الحالة؟

بحسب تقريرٍ أجرته شركة HubSpot المختصّة بالتسويق الرقمي عن توجهات التسويق الرقمي لعام 2020، صرّح 13% من المسوّقين أنّ دراسات الحالة من أهم أساليب التسويق التي يتّبعونها في التسويق للمنتجات، هذا يجعل هذا الأسلوب في المرتبة الخامسة بين أساليب التسويق الأخرى، بعد التدوين والفيديو والكتب الإلكترونيّة والإنفوغرافيك.

بشكل رئيسيّ، للتسويق عبر دراسات الحالة ثلاث وظائف أساسيّة: 

  1. جذب قاعدة إضافيّة من المستخدمين الجدد للمنتج.
  2. إثبات فعاليّة المنتج عبر أمثلة واقعيّة وقصص جذّابة.
  3. تعريف قاعدة المستخدمين الموجودة بميّزات المنتج وإمكانيّاته بالتالي زيادة قيمته في نظرهم.

كيف تصنع دراسة حالة مؤثّرة ومقنعة؟

تختلف تفاصيل خطوات صناعة دراسة الحالة باختلاف الوسط والمنتج والجمهور المستهدف، لكنها في كافّة أحوالها تشترك في نقاط رئيسيّة محوريّة، يمكن القول أنّها أهمّ ما يجب أخذه بعين الاعتبار أثناء تقديم دراسة الحالة للمستخدمين:

  1. التركيز على شخص المستخدم، وتقديم القصّة استنادًا على تجربته.
  2. استعراض البيانات المرتبطة بالقصة، كالأرباح والفوائد الملموسة من استخدام المنتج.
  3. التركيز على قدرة المنتج في التأثير على نجاح المستخدم.
  4. الاعتماد على قصص نجاحٍ قابلة للتكرار والتقليد، لا قصص الحظ والمصادفات.
  5. التركيز على نقاط القوّة التي تهمّ المستهدفين من دراسة الحالة فقط، لتجّنب تشتيت الانتباه.

ضع بعين الاعتبار أيضًا أنّ دراسة الحالة الجيّدة هي بالضرورة قصّة جيدة، وعلى المسؤول عن صياغتها وتقديمها أن يكون متقنًا لفنّ السرد القصصي وجذب المتابعين.

خطوات تجهيز دراسة الحالة المستخدمة في التسويق

قبل المباشرة في صياغة دراسة الحالة وتقديم قصّة العملاء، عليك أولًا جمع البيانات الكفاية لتقديم هذه القصّة وتنظيمها بطريقة تسهّل عملية تقديم دراسة الحالة بأشكالها المختلفة، وهذا يكون عبر الخطوات التالية:

أولًا: تحديد الجمهور المستهدف من دراسة الحالة

يمكن اعتبار الجمهور المستهدف من دراسة الحالة كإحدى الشخصيات المصنوعة عبر دراسة شخصية المشتري، ويمكن الاعتماد على هيكل بناء شخصية المشتري – Customer Persona لتحديد هذا الجمهور.

هيكل بناء شخصية المشتري

عبر تحديد الجمهور المستهدف يمكنك حصر الميزات والمعلومات التي ترغب بتقديمها ضمن دراسة الحالة، بالتالي يمكنك حصر مجموعة المستخدمين الذين يمكنك الاعتماد عليه في دراسة الحالة هذه – لذا يمكن اعتبار خطوة تحديد الجمهور المستهدف الخطوة الأهم من خطوات التجهيز لدراسة الحالة.

ثانيًا: حصر المعلومات والميزات التي ترغب بالتركيز عليها

كما أسلفنا، لكل أداةٍ ميّزاتٌ واستخدامات مختلفة باختلاف مستخدميها وأهدافهم، ولجعل دراسة الحالة أكثر قدرة على لمس مجموعة من المستخدمين والتأثير على قرارهم يجب التركيز على الميزات التي تهمّهم دون سواها.

في حالة دراسات الحالة التسويقية للمنتجات الرقميّة، يمكن معرفة أهم الميزات والمعلومات التي يجب التركيز عليها عبر دراسة إحصائيات استخدام المستخدمين الموجودين سلفًا والمندرجين تحت شخصيّة المشتري المستهدفة. وهنا تبرز أهميّة جمع الإحصائيّات والمعلومات عن المستخدمين الموجودين سلفًا في هذا النوع من الأدوات.

ثالثًا: البحث عن مستخدم ملائم

بعد حصر المعلومات والميزات التي ترغب بالتركيز عليها، يمكنك وضع قائمة بالمستخدمين المحتملين الذين يمكنك التواصل معهم للحصول على قصصهم، وأثناء وضع هذه القائمة ضع بعين الاعتبار النقاط التالية لاختيار المرشّح الأمثل، وهو شخصٌ:

  1. يستخدم الأداة بشكل فعّال منذ فترة معقولة.
  2. لديه تجربة ناجحة مع الأداة في مجال استخدامه.
  3. يستخدم اسمًا حقيقيًّا لزيادة الموثوقيّة بأعين القرّاء.
  4. لديه معرفة كافية بالأداة وميزاتها المختلفة المرتبطة بمجال استخدامه.

قد لا تتوافر كافة النقاط في مستخدم واحد، لكن وجودها كلّها أو أغلبها يجعله مرشّحًا أفضل من غيره لتقديم دراسة حالةٍ مؤثّرة وناجحة في إقناع الجمهور المستهدف.

رابعًا: تجهيز الأسئلة ونقاط البيانات المطلوبة

قبل بدء مراسلة المستخدمين المرشّحين لتقديم دراسة الحالة، من الأفضل تجهيز أسئلة المقابلات ونقاط البيانات الرئيسية المطلوبة منهم – لا داعي للتفكير بكلّ النقاط وكل التفاصيل قبل تحديد الشخص، فالكثير من هذه الأسئلة ستضاف وتزال بناء على تجربته وحالة استخدامه، لكن من الجيد معرفة فكرة تقريبيّة عن طول المقابلة والأسئلة المطروحة.

يمكنك التركيز على تقديم الأسئلة مفتوحة الإجابة، والأسئلة العامّة في المسودة الأوليّة التي سترسلها للمستخدمين، فهي الأكثر تأثيرًا ومنها يمكن للمستخدم اتّخاذ قرار المشاركة على بيّنة.

لا تجبر المستخدم على الاستزادة أو الاختصار في حديثه حتّى لو تجاوز هذا الأسئلة المطلوبة، وفكّر دائمًا في إتاحة أساليب ردّ مختلفةٍ للمستخدم كالرد عبر تسجيل صوتيّ أو كتابة الإجابات على شكل نصوص – وهذا لضمان راحته أثناء الرد. 

يمكنك أيضًا الاعتماد على المقابلات الحيّة مع المستخدمين المهتمّين بهذا، فهي الأفضل والأكثر قابليّة للارتباط بالجماهير المستهدفة وقابليّة للتحويل إلى أوساطٍ مختلفة، وللتجهيز لهذه المقابلات يمكنك تحضير قائمة بأهمّ النقاط التي ستمرّ عليها أثناء الحديث، بترتيب يمكن التنقّل بينه بسهولة، كترتيب الاسئلة بخطّ زمنيّ يقود المتحدث من قبل استخدامه للأداة، وحتّى استخدامها وما بعد استخدامها.

خامسًا: التواصل مع المستخدمين

ما عليك معرفته عن التواصل مع المستخدمين بخصوص أيّ إجراءٍ مرتبط بتجربة الاستخدام هو أنّ أغلبهم لا يرغبون بإجراء أيّ مقابلات أو الإجابة على أيّ أسئلةٍ مرتبطة باستخدامهم للأداة، ناهيك عن إجراء مقابلات مطوّلةٍ يمكن استخدامها في تقديم دراسة حالة تسويقيّة.

لهذا، يمكن اعتبار خطوة التواصل مع المستخدمين الخطوة الأصعب في رحلة التجهيز لنشر دراسة حالة تسويقيّة، وعلى مسؤولي التواصل التركيز على الكثير من النقاط المهمّة أثناء التواصل مع العملاء بهذا الشأن:

  1. احترام خصوصيّة ووقت العملاء، وهذا يقتضي تجنّب الإصرار والإزعاج المستمرّ بخصوص الإجابة على الأسئلة.
  2. إتاحة وسائل تواصل مختلفة يمكن للعميل الاختيار بينها لإجراء المقابلة والإجابة على الأسئلة.
  3. محاولة تقديم مقابلٍ للتعويض عن وقت العميل، وقد يكون هذا عبر كود خصمٍ أو مقابلٍ ماديّ.
  4. الاهتمام بملاحظات العميل السلبية حول المنتج وأخذها بعين الاعتبار والإجابة على استفساراته بخصوص المنتج.
  5. إظهار العميل بأفضل صورة ممكنة أثناء سرد القصّة، وإرسال نسخ من دراسة الحالة قبل نشرها ليوافق عليها.
  6. تابع التواصل مع العميل بعد النشر وحدّث المعلومات بحسب تغييرات عمله وتطويرات المنتج باستمرار.

نشر دراسة الحالة التسويقيّة

بحسب وسط إنتاج دراسة الحالة -سواء كان هذا الوسط كتابيًا أو مرئيًًا أو مسموعًا- يمكنك نشر هذه الدراسة والاستفادة منها في التسويق لمنتجاتك، ويمكنك التركيز على خمس مراكز رئيسيّة يمكن لدراسات الحالة أن تكون صاحبة أكثر تأثير عند عرضها فيها:

  1. منشورات السوشال ميديا: استعرض نقاط الدراسة الأساسيّة ضمن منشورات السوشال ميديا لتسهيل قراءتها على من لا يمتلك الوقت الكافي للدخول في التفاصيل.
  2. صفحات الهبوط: وهي المكان الأمثل لذكر دراسات الحالة بتفاصيلها كافّة، فهي الخطوة الأخيرة في قمع الشراء قبل الدفع، وفيها يقتنع العميل بالشراء أو الانتقال للمنافسين.
  3. صفحة الموقع الرئيسيّة: لا داعي لذكر تفاصيل دراسة الحالة في الصفحة الرئيسيّة، لكن يمكن استغلال مواضيعها الأساسيّة كقسمٍ في الصفحة يمكّن المهتمّين من تصفّحها بسهولة.

خاتمة

يساعد التسويق عبر دراسة الحالة في استهداف فئات جديدةٍ من المستخدمين، كما يساعد المستخدمين في تحديد ما إذا كان المنتج يغطي حاجتهم أم لا، لذلك من الضروري صناعة دراسة الحالة بحيث تكون مقنعة ومؤثرة من أجل تضمينها في الخطة التسويقية.

أنشئ موقعك التعليمي الخاص وابدأ بيع دوراتك التدريبية أونلاين

ستجد معنا كل ما تحتاجه لتنشئ أكاديميتك التعليمية وتبدأ بيع دوراتك
وتقدم أفضل تجربة استخدام عربية لطلابك

14 يوم تجريبي، دون ادخال بيانات الدفع.

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انضم إلى +5050 مشترك يقرؤون نشرة أسبوعية تتناول مواضيع ونقاشات رائجة حول اقتصاد المحتوى والمنتجات الرقمية وريادة الأعمال وتكنولوجيا التعليم.